Featured

    Featured Posts

    Social Icons

Loading...

نجاح الكاتبة أغاثا كريستي



أغاثا كريستي

لو وضعت الكتب التي طبعت من مؤلفاتها فوق بعضها لشكلت 20000 كومة يساوي كل كومة منها برج إيفل بباريس أو 3400 كومة يبلغ ارتفاع كل منها بقدر ارتفاع قمة إيفرست (أعلى قمة في العالم)
تقول الروائية الإنكليزية فريجينيا وولف (التي عاصرت أغاثا كريستي)عندما ننحدث النساء عن الكاتبات تحتاج إلى أقصى ما يمكن من الامتداد... لقد كانت الرواية وما زالت من أسهل ما يمكن للمرأة أن تكتبه.
حسناً!...إذا كان عدد الروائيات الإنكليزيات يصعب إحصاؤه كما تراه وولف فما الذي جعلنا بالكاد لا نقرأ إلا لأغاثا كريستي من الروائيات الإنكليزيات؟ و ما الذي جعل أغاثا أكثر كاتبة بريطانية يقرأ لها يليها شكسبير كما أعلنت منظمة اليونسكو؟و مالذي جعلها أعظم مؤلفة في التاريخ من حيث انتشار كتبها و عدد ما بيع منها؟ و ما الذي جعل أغاثا أشهر كتاب القصص البوليسية في سائر عصور التاريخ ؟ و ما الذي ميزها لكي يقارب ما طبع من رواياتها و كتبها ألفي مليون نسخة ؟ للإجابة عن هذه التساؤلات دعونا نبدأ... مع أغاثا...

ولدت أغاثا مالاي كلاريسا ميللر في بلدة توركواري (الآن جزء من توربيي)  بمقاطعة ديفون جنوب إنكلترا عام 1890م من أب أمريكي و أم إنكليزية و كانت  صغرى ثلاث أولاد لهما, عاشت أغاثا طفولة سعيدة في مسقط رأسها إذ كان والدها مرحا محبا للحياة و أمها ذكية طموحة تعتقد اعتقادا راسخا أن أطفالها قادرون على كل شيء كما تصفها أغاثا .
لم تذهب أغاثا قط إلى المدرسة بل تلقت تعليمها على يد أمها في المنزل حسب التقليد المتبع آنذاك في بلدتها و من المفارقات العجيبة أن أغاثا عانت من صعوبات في فهمها لقواعد اللغة الإنكليزية و كانت تعاني في صغرها من تهجي الحروف.كان الفضل لوالدة أغاثا في توجهها إلى الكتابة و التأليف .
إذ شجعتها عليها في وقت مبكر من حياتها,فبينما كانت أغاثا طريحة الفراش من برد شديد أصابها,قالت لها أمها  
-       خير لك أن تقطعي الوقت بكتابة قصة قصيرة و أنت في فراشك.
            فأجابت أغاثا على الفور : و لكنني لا أظن أني قادرة على ذلك
-       بلى تقدرين,حاولي فقط و سترين.

فقضت أغاثا السنوات القليلة التالية في كتابة قصص قابضة للصدر كمــا تصفها بنفسها,بالإضافة إلى مقطوعة من الشعر . ثم قامت بكتابة أولى رواياتها و هي رواية(ثلوج على الصحراء) التي رفضها الناشرون ولم تكن قد حظيت أصـلا بإعجاب أغاثا ولم تنشر هذه الرواية قط و بعد ذلك خطر لها كتابة رواية بوليسية فقامت بكتابة رواية (القضية الغامضة في سياتلز) التي رفضها ستة ناشرون وقد اشتد بأغاثا الطرب عندما قبلها الناشر السابع و نشرت هذه الرواية التي أدخلته إلى عالم الكتاب الواسع الرحيب. وكانت حين كتابتها في مستشفى تابع للصليب الأحمر إبان الحرب العالمية الأولى فقد نطوعت للعمل كممرضة تساعد جرحى الحرب.وفي هذا المستشفى عملت بتحضير و تركيب الأدوية و تعرفت على السموم و تراكيبها , ما كان له أثر بالغ في كتابتها اللاحقة عن الجرائم ؛ إذ أغنت هذه التجربة معلوماتها عن السموم و مركباتها و تأثيراتها الجسدية و ما قد تسببه عن مخاطر على صحة الإنسان ، والقارئ لروايات أغاثا سيخرج بحصيلة جيدة من المعلومات الطبية و أضرارها.
و في تلك الفترة تقدم لها الكثير من الخاطبين الأثرياء و الفقراء ، إلا أنها تزجت طياراً عسكريا يدعى (أرشيبالد كريستي) 1914م و منه أخذت لقبها الذي لازمها طوال حياتها إلا أنها انفصلت عنه عام 1928م بعد وفاة والدتها بقليل ؛ إذا كانت أغاثا قد افنقدت معه الصحبة المشتركة أو الرفقة الزوجية كما صرحت بذلك أغاثا .
إلا أنها تزوجت بعد ذلك بسنتين عالم الآثار الشهير السير (ماكس مالوان) الذي أتاح لها زيارة معظم البلدان الالشرق الأدنى فزارت العراق و الشام و مصرو بلاد فارس و غيرها فدارت أحداث عدد من رواياتها في هذه البلدان مثل: (موت من على النيل) و (لقاء في بغداد) و (جريمة في بغداد) و حينها سافرت على متن قطار الشرق السريع خرجت بواحدة من أشهر رواياتها (جريمة في قطار الشرق .

 لقد كان استقرار أغاثا مع زوجها الجديد انعكاسا إيجابيا على استقرارها الفكري و النفسي ، يقول زوجها مالوان:شيدنا لأغاثا حجرة صغيرة في نهاية البيت ، فكانت تجلس منذ الصباح ، و تكتب رواياتها بسرعة ، وتطبعها بالآلة الكاتبة مباشرة وقد ألفت ما يزيد على ست روايات بتلك الطريقة موسما بعد آخر.




حتى حينما كانت أغاثا تشارك في بعثات التنقيب مثل بعثة التنقيب البريطانية في نينوى (شمال العراق) برئاسة الدكتور تومس كامبل ، وكذلك بعثة الأربحية برئاسة زوجها عام 1932م ، كانت تجد الوقت الكافي للكتابة على الرغممن جهدها التنقيبي ، حيث لا يتوفر لها السكن في في موقع التنقيب كانت تنصب لها خيمة خاصة بعيدا عن ضجيج الحفر لتعمد إلى كتابة رواياتها وقصصها فيــهــا.

أمـا قصـصـهـا وروايـاتـهـا فـتـتـمـيـز بـدقـة حـبـكـتـهـا وتـرابـط أحـداثـهـا ومـنـطـق تسلسلها ، بالإضافة إلى الكم الهائل من الألغاز و الحبكات الغامضة سواء أكان ذلك في البناء القصصي أو في الحوار أو الشخصيات أو حتى في اختيار مواقع الأحداث التي غالبا ما تكون شائقة.

و قد ساعدها خيالها الخلاق في إيجاد تكنيك قصصي يستند إلى الحيلة أو الخدعة كأسلوب إثارة و تشويق مفعم بالغموض،لدرجة أن من يقرأ رواياتها و يستنتج الحل قبل انتهاء الرواية يصدم في النهاية من تناقض تفكيره مع الحل المنطقي الذي أوجدته أغاثا ليقول بعد ذلك الجملة المشهورة التي طالما رددها قراء روايات أغاثا عند قراءة الفصل الأخير:

ياه...كيف لم أنتبه لهذا !؟

كما تميزت رواياتها بالغور في أعماق النفس البشرية محللة كوامنها باحثة عن دوافعها بعبقرية فذة وبصير نافذة قلما وجدت عند كتاب آخرين. كما كانت رواياتها نظيفة شريفة وليس فيها ما يخجل أو يخدش الحياء أو يثير الغرائز .

وكانت أغاثا تقول لنا في كل رواية تكتبها (لابد أن ينتصر الخير) و (الجريمة لا تفيد) . و قد اتسمت كتاباتها ببساطة اللغة و سلاستها،و هذا قد يفسر سبب الرواج العظيم لرواياتها في الأوساط الشعبية في بريطانيا و أوروباو ما وراء البحار كما يفسر سهولة ترجمتها إلى مختلف اللغات.

ولم تكن أغاثا تطمح إلى نيل جائزة نوبل للآداب التي لابد أن يعكس الأديب التفرد في الإبداع و التفوق الأدبي لكي يرشح للحصول عليها, لذلك حافظت أغاثا على بساطة لغتها و سهولة فهمها؛ لأن همه و حبها يتجه لقرائها ولم تكن تكترث بآراء النقاد وانتقادتهم.

  • حقائق عن أغاثا كريستي :-


·        كتبت أغاثا كريستي من روايات و قصص سبعا وستين رواية طويلة و عشرات القصص القصيرة التي نشرت في ثلاث عشرة مجموعة. وبذلك يكون عدد ما نشر لها من الأعمال البوليسية ثمانين كتابا .

·        كتبت أغاثا كريستي ست عشرة روايات رومانسية باسم مستعار هو (ماري ويستماكوت).


·        كما كتبت أغاثا ست عشرة مسرحية أشهرها (مصيدة الفئران) التي تعتبر أطول المسرحيات عرضا في التاريخ، إذ ما زالت تعرض في لندن (دون انقطاع تقريبا) منذ عام 1930م، وقد مُثِّلت أكثر من 20000 مرة حتى كتابة هذا الكتاب عام 2006م.

·        أما سيرة حياتها فقد كتبتها من خلال رواية (لوحة غير منجزة) أو (الصورة الناقصة) باسمها المستعار (ماري ويست ماكوت) 1934م، ثم كتبت (سيرتي الذاتية) بقلمها إلا أنها نشرت عام 1977م أي بعد عام من وفاتها وقد كتب زوجها الثاني جزءاً من سيرتها في مذكراته, بالإضافة إلى سيرتها التي كتبتها الكاتبة الأمريكية (جانيت مورغان) .

·        طبع من كتبها ما يقارب ملياري نسخة، و ترجمت أعمالها إلى ما يقارب خمسين لغة حول العالم، وبذلك تصبح مبيعات الروايات التي ألفتها أغاثا كريستي تفوق مبيعات الكتب العربية و مؤلفات الكتاب العرب منذ الدولة الأموية بعشرات الأضعاف. و تفوق نسبة ترجمة أعمالها إلى لغات العالم نسبة ترجمة الأعمال العربية منذ عصر المأمون .

·        مبيعات كتبها في سنة 2003 في فرنسا فقط جاوزت الــ20000000 نسخة

·        حصلت أغاثا على ألقاب عدة في حياتها منها: (سيدة الرواية البوليسية)(كاتبة الجريمة الأولى) و (سيدة الأسرار) و (سيدة الموت)...

·        احتلت أغاثا مكانة مرموقة في أوروبا و العالم خاصة في بريطانيا ومما يدل على ذلك أنه أثناء الغامض الغامض لمدة 11 يوم في ديسمبر عام 1926م تطوع آلاف البريطانيين للبحث عنها، بينما قام الملايين بمتابعة أخبار اختفائها عبر الصحف .
·        منحت أغاثا وسام الإمبراطورية بدرجة السيدة القائدة عام 1971م.

·        ابتكرت أغاثا في رواياتها شخصيات عدة منها (هريكيول بوارو) و الآنسة (ماربل) اللتان تعتبران من أشهر الشخصيات الإفتراضية في التاريخ .

المصدر : كتاب عظماء بلا مدارس

إرسال تعليق

CodeNirvana
© Copyright قصة نجاح
Back To Top