عبد الرحمن السميط
ولد د.عبد الرحمن حمود السميط رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر لـ(مسلمي أفريقيا سابقا) في الكويت عام 1947م، ويحكي المقربون منه أنه بدأ العمل الخيري وأعمال البر منذ صغره، ففي المرحلة الثانوية أراد مع بعض أصدقائه أن يقوموا بعمل تطوعي، فقاموا بجمع مبلغ من المال من مصروفهم اليومي واشتروا سيارة، وكان يقوم أحد أفراد المجموعة بعد انتهاء دوامه بنقل العمال البسطاء إلى أماكن عملهم أو إلى بيوتهم دون مقابل.
تخرج من جامعة بغداد بعد أن حصل بكالوريوس الطب والجراحة، وفي الجامعة كان يخصص الجزء الأكبر من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية؛ ليقوم بتوزيعها على المساجد، وعندما حصل على منحة دراسية قدرها 42 دينارًا, كان لا يأكل إلا وجبة واحدة وكان يستكثر على نفسه أن ينام على سرير رغم أن ثمنه لا يتجاوز دينارين معتبرًا ذلك نوعًا من الرفاهية.
شاء له الله أن يسافر إلى أفريقيا لبناء مسجد لإحدى المحسنات الكويتيات في ملاوي، فرأى هناك ملايين البشر يقتلهم الجوع والفقر والجهل والتخلف والمرض، وشاهد وقوع المسلمين تحت وطأة المنصرين الذين يقدمون إليهم الفتات والتعليم لأبنائهم في مدارسهم التنصيرية، ومن ثم فقد وقع حب هذه البقعة في قلبه ووجدانه وسيطرت على تفكيره.
وكان أكثر ما يؤثر في السميط إلى حد البكاء حينما يذهب إلى منطقة ويدخل بعض أبنائها في الإسلام ثم يصرخون ويبكون على آبائهم وأمهاتهم الذين ماتوا على
غير الإسلام، وهم يسألون: أين أنتم يا مسلمون؟ ولماذا تأخرتم عنا كل هذه السنين؟ كانت هذه الكلمات تجعله يبكي بمرارة، ويشعر بجزء من المسئولية تجاه هؤلاء الذين ماتوا على الكفر.
يقول الدكتور السميط بصدق يجعلنا نخجل كثيرًا من طموحه وعدم يأسه:
"منذ سنوات قادني حب الاستطلاع لزيارة قرية نائية اسمها (مكة) في أفريقيا, ثم بدأت بحثًا علميًا موسعًا عن قبيلة الأنتيمور ذات الأصول العربية الحجازية وهي نموذج من العرب والمسلمين الضائعين في أفريقيا.. مثلهم قبيلة الغبرا في شمال كينيا, والبورانا في جنوب إثيوبيا, وبعض السكلافا في غرب مدغشقر, والفارمبا في جنوب زيمبابوي وملايين غيرهم.. قد يشتكون الله علينا أننا لم نفعل شيئًا؛ لإنقاذهم من الضلال والشرك وأغلبهم ذوو أصول إسلامية..
قد يقول أحد اليائسين: يبدو أن الدكتور السميط لم يتعرض لعقبات ومصائب تجعله يتراجع عن دعوته, بل إني لأظن الطريق كان مفروشًا له بالورود... فما الذي يجعله يستمر إن كان قد تعرض لشيء من المحن!
انتظر أيها اليائس المستكين بمكانه الملتصق بأرض القنوط الضارب جذوره فيها!
يقول الداعية الدكتور السميط في أحد لقاءاته عندي عشرات الأمراض من جلطة بالقلب مرتين وجلطة بالمخ مع شلل قد زال والحمد لله، وارتفاع في ضغط الدم، ومرض السكري وجلطات في الساق، وتخشن في الركبة يمنعني من الصلاة دون كرسي وارتفاع في الكولسترول, ونزيف في العين وغيرها كثير كما سجنت مرتين مرة في بغداد عام 1970م وكدت أعدم مرة 1990 م, عندما اعتقلتني المخابرات العراقية في الكويت، ولم أعرف مصيري، وعذبت في بغداد حتى انتزعوا اللحم من وجهي ويدي وقدمي، ولكنني كنت على يقين من أنني لن أموت إلا في اللحظة التي كتبها الله.
كما تعرض في أفريقيا للاغتيال مرات عديدة من قبل المليشيات المسلحة بسبب حضوره الطاغي في أوساط الفقراء والمحتاجين، كما حاصرته أفعى الكوبرا في موزمبيق وكينيا وملاوي غير مرة لكن الله نجاه.
أتدري ما الذي يدفع هذا الإنسان المؤمن إلى التمسك بالأمل والاعتصام بربه رغم كل الأهوال التي أحاطت به؟.
اقرأ الهدف الأعلى الذي يطمح إليه!
يقول الدكتور: (من ينقذني من الحساب يوم يشكوني الناس في إفريقيا بأنني لم أسع إلى هدايتهم).
هذا مع العلم أن عشرات الألوف من قبائل الأنتيمور دخلوا الإسلام على يد الدكتور السميط.
*وأخيرا استمع أيها القارئ إلى هذه النصيحة من الدكتور السميط وتأملها كثيرًا.. كثيرًا قبل أن تقلب الصفحة.
(لا نجاح أبدًا بدون فشل، النملة لا تستطيع تسلق الحائط بدون أن تسقط أكثر من مرة، والطريق إلى النجاح يمر دائما بمحطات من الفشل، ولا خير فيمن يستسلم في المعركة الأولى).
المصدر : كتاب هكذا هزموا اليأس
إرسال تعليق