Featured

    Featured Posts

    Social Icons

Loading...

من كاتب بدكان صغير .. الى حاكم للأندلس





من كاتب بدكان صغير .. الى حاكم للأندلس

قدم محمد بن أبي عامر إلى قرطبة شابًا لطلب العلم والأدب والحديث ، فدرس الأدب على يدي أبي علي البغدادي وأبي بكر بن القوطية ، والحديث على يدي أبي بكر بن معاوية القرشي راوي النسائي
ثم بدأ حياته بأن افتتح دكانًا أمام قصر الخليفة يكتب فيه الرسائل والعرائض لأصحاب المصالح ، فلفت نظر من في القصر بأسلوب كتابته وبجزالة عباراته.
طُلب ابن أبي عامر من القصر للالتحاق بخدمة الخليفة الحكم المستنصر بالله عندما رشحه الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي ليكون وكيلاً لعبد الرحمن أول أولاد الخليفة ، وهو ما عينه عليه الخليفة بموافقة من أم عبد الرحمن صبح البشكنجية ، فعُيّن لذلك في 9 ربيع الأول 356 هـ ، ثم ولاّه دار السكة في 13 شوال 356 هـ ، ثم ولي خطة المواريث في 7 محرم 358 هـ ، فقاضيًا على أشبيلية ولبله وأعمالهما في 12 ذي الحجة 358 هـ. وبعد وفاة عبد الرحمن صغيرًا ، بقي في خدمة أم الخليفة إلى أن أنجبت ولدها الثاني هشام ، فأصبح وكيلاً لهشام في 4 رمضان 359 هـ. وفي جمادى الآخرة 361 هـ ، جعله الخليفة الحكم على الشرطة الوسطى ، ثم أنفذه إلى المغرب في شوال 362 هـ ، بأموال كثيرة إلى المغرب لاستمالة زعماء البربر إلى جانب الخلافة ، ثم أرسل مرسومه بتوليته قاضية لقضاة عدوة المغربثم أسند إليه النظر على الحشم وهو في مرض موته .
في فترة خدمته لصبح البشكنجية ، لجأ ابن أبي عامر إلى استمالتها بحُسن خدمتها وإتحافها بالهدايا ، والتي كان أشهرها نموذجًا مبهرًا لقصر من الفضة أنفق عليه قدرًا كبيرًا من المال ، وأهداه إليها في الفترة التي ولي فيها دار السكة. أثار ذلك عددًا من رجال الدولة الذين رأوا في صعوده في المناصب ما يقلقهم ، فسعوا لدى الخليفة يتهمون ابن أبي عامر بالإنفاق من مال السكة ، فأمر الخليفة بالتحقق من ذلك ، وكان ابن أبي عامر قد أنفق منه بالفعل ، فلجأ إلى صديقه الوزير ابن حُدير ليقرضه ما نقص من أموال السكة ، فأقرضه ابن حدير من المال ما أتم ابن أبي عامر به ما لديه من عجز.

بعد وفاة الخليفة الحكم المستنصر بالله ، كان لدى الصقالبة أو الموالي في قصر الخلافة خطة تهدف إلى تنحية وليّ العهد الصبي هشام ، وتولية عمه المغيرة بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بدلاً منه. وفي سبيلهم لتنفيذ ذلك ، استدعى زعماؤهم الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي وأنبئوه بخبر وفاة الخليفة ، ومخططهما بتولية المغيرة .
تظاهر المصحفي بموافقتهم ، وعمل من جانب آخر على إفشال ذاك المخطط خشية أن يزيد نفوذ الصقالبة او الموالي في القصر. انصرف المصحفي من القصر، وقرر مع عدد من كبار رجال الدولة وزعماء البربر من بني برزال ، ضرورة التحرك السريع لإفشال هذا المخطط ، وكان القرار يقتضي قتل المغيرة بن عبد الرحمن نفسه لقطع السبيل أمام مخطط الصقالبة . تولى محمد بن أبي عامر في جماعة من الرجال بتنفيذ ذلك القرار ، لينتهي الأمر بقتل مرشح الصقالبة او الموالي ، وتنصيب ولي العهد هشام خلفًا لأبيه.
بعد أن فشل مخطط الصقالبة او الموالي ، دبت الوحشة بين الحاجب المصحفي والصقالبة ، الذين بدءوا في كيد المؤامرات ضده ، فلجأ جعفر إلى تقسيمهم ، فكان نصيب ابن أبي عامر منهم خمسمائة فتى ، ولكي يستميلهم،  أغدق ابن أبي عامر عليهم وأجزل لهم العطاء ، فأحبوه واستقوى هو بهم ، ثم ما لبث أن انضم إليه بنو برزال وهم من زعماء البربر وصاروا تحت قيادته، فاشتدّت بهم قوته.
لم تمض أشهر على خلافة المؤيد بالله ، حتى هاجمت الممالك المسيحية أراضي المسلمين في الشمال ، فأشار ابن أبي عامر على المصحفي بتجهيز جيش لمنازلتهم ، وعرض جعفر على أكابر الدولة قيادته فرفضوا ، فوجدها ابن أبي عامر فرصة مناسبة ليضم إليه قيادة الجيش ، فجهزه المصحفي بمائة ألف دينار لتلك المهمة. وفي 3 رجب 366 هـ، خرج ابن أبي عامر في جيشه مهاجمًا أراضي جليقية  ، فحاصر حصن الحامة  ، ثم عاد إلى قرطبة بعد 53 يومًا محملاً بالسبي والغنائم ، مما عزز من مكانته داخل الدولة ليعزز أمام الشعب قدراته العسكرية إضافة إلى ما عرفوه من قدراته الإدارية.
بعد عودته إلى قرطبة ، بدأ محمد بن أبي عامر في التخطيط لإزاحة الحاجب جعفر المصحفي من طريقه إلى قمة السلطة ، فاستغل سوء العلاقات بين جعفر المصحفي وغالب الناصري صاحب مدينة سالم بسبب اتهام جعفر لغالب بالتقصير في الدفاع عن الحدود الشمالية أمام حملة الممالك المسيحية في الشمال على حدود الدولة بعد وفاة الخليفة ، كما استغل حسن علاقته بصبح أم الخليفة التي كانت تساعده على إنفاذ ما بدا له من مراسيم باسم الخليفة ، حتى ذهب البعض إلى زواج ابن أبي عامر من أم الخليفة في السر.
وفي يوم الفطر عام 366 هـ، خرج محمد بن أبي عامر في جيشه والتقى جيش غالب في مجريط  ، ثم افتتحا معًا حصن موله وغنما فيها الكثير، إلا أن غالبًا تنازل عن مغانمه لابن أبي عامر بل وبعث للخليفة ينبأه بحسن تدبير ابن أبي عامر في تلك الحملة ، مما أعلى من أسهم ابن أبي عامر لدى القصر والعامة على حد سواء. ثم أقنع محمد بن أبي عامر حليفته صبح أم الخليفة ، باستصدار مرسوم خلافي من ابنها بعزل محمد بن جعفر المصحفي كحاكم لقرطبة ، وتولية محمد بن أبي عامر حاكمًا على قرطبة بالإضافة إلى منصبه كقائد لجيش المدينة
لجأ جعفر لوسيلة يوقف بها هذا التحالف بين غريميه غالب وابن أبي عامر ، بأن طلب يد أسماء بنت غالب للزواج من ابنه محمد بن جعفر، وهو ما أسرع ابن أبي عامر لإفشاله بأن طلب أسماء لنفسه ، وهو ما وافق هوى غالب فأنكحها ابن أبي عامر.
وفي صفر 367 هـ، خرج ابن أبي عامر في غزوة جديدة فاجتمع بصهره غالب في طليطله وهاجما شلمنقة  وعادا سويًا من تلك الحملة إلى قرطبة بالغنائم حيث تم زفاف أسماء إلى ابن أبي عامر من قصر الخلافة ، وأصدر الخليفة أمره برفع القائد غالب لرتبة الحجابة بالمشاركة مع الحاجب جعفر المصحفي ، وهو ما عدّه جعفر انتقاصًا من سلطته.
 وفي 13 شعبان 367 هـ ، كانت نكبة الخليفة جعفر المصحفي بأن أصدر مرسومه بإقالة الحاجب جعفر المصحفي ، وسجنه هو وأبنائه وأقاربه ومصادرة أموالهم . شدد ابن أبي عامر في التنكيل بجعفر المصحفي ونكايته حتى أنه كان يحمله معه مكبلاً في غزواته ، ثم زجه في السجن ، فظلّ في محبسه في الزهراء لأعوام إلى أن مات مسمومًا وقيل مخنوقًا في محبسه عام 372 هـ ، وأسلم إلى أهله وهو في أقبح صورة .
بعد أن تخلّص ابن أبي عامر من جعفر المصحفي ، جعل ابن أبي عامر همّه التخلّص من صهره غالب لينفرد وحده بالسلطة. أدرك غالب ما يضمره صهره ، فداهنه ودعاه وهو عائد من إحدى حملاته على قشتالة إلى وليمة فيأنتيسة إحدى مدن الثغر الأدنى ، ودبّر له مكيده كادت تودي بحياة ابن أبي عامر، إلا أنه نجا بعد أن أصيب إصابة خفيفة. غادر ابن أبي عامر إلى قرطبة وهو ينوي التجهيز لقتال غالب ، الذي استعان بقوات راميرو الثالث ملك ليون ، ثم اقتتلت قوات غالب ومحمد بن أبي عامر في معركة شنت بجنت التي كادت أن تنتهي بانتصار قوات غالب ، لولا سقوطه صريعًا من على جواده في 4 محرم 371 هـ/9 أغسطس 981 م، وحُملت رأسه لابن أبي عامر.
 بقي أمام ابن أبي عامر خطوة أخرى ، وهي عزل الخليفة الشرعي نفسه ، فأشاع بين الناس أن الخليفة فوّضه إدارة البلاد لتفرغه للعبادة ، ثم أحاط قصر الخليفة بسور وخندق ، ووضع عليه الحرّاس ومنع الخليفة من الظهور.
 أدركت صبح التهديد المحدق بعرش ابنها ، غير أنه بعد أن تمكن محمد بن أبي عامر من كل السلطات ، لم يعد في قدرة صبح مواجهته مباشرة ، فأشاعت بين العامة أن المنصور يسجن الخليفة ويحكم رغمًا عنه ويغتصب سلطته . 
ثم راسلت زيري بن عطية حاكم المغرب لنصرة ولدها ، وأرسلت أموالا اليه ليجهز جيشه ويعبر إلى الأندلسعلم المنصور بذلك المخطط ، فلجأ أولاً إلى رفع يدها عن أموال خزائن قصر الخليفة التي كانت تقوم بتهريبها بواسطة فتيانها ، فأرسل ابن أبي عامر ابنه عبد الملك بقوة وجمع من العلماء والوزراء إلى قصر الخلافة بقرطبة، وخاطب الخليفة هشام في أمر الأموال التي تهربها والدته ، وطلب أن تنقل كل الأموال من قصر الزهراء إلى قصر الزاهرة ، فلم يمتنع.
 وبعد أن جفت الأموال من بين يدي صبح ، يأست من قدرتها على استرجاع سلطة ابنها ، فاعتزلت الحياة حتى وفاتها حوالي عام 390 هـ.
وفي عام 371 هـ، تسمّى محمد بن أبي عامر بلقب "المنصور"، ودُعي له به على المنابر. 
وفي عام 379 هـ، تعاون عبد الرحمن بن المطرف التجيبي  صاحب سرقسطة  مع عبد الله بن الحاجب المنصور على الانقلاب على المنصور على أن يُقسّما الملك بينهما فتكون الثغور لعبد الرحمن والبقية لعبد الله ، إلا أن المنصور علم بما يدبرانه ، فدبّر مكيدة لعبد الرحمن قُتل على إثرها في 12 ربيع الأول 379 هـ ، وحبس ابنه الذي استطاع أن يفر من محبسه ، ولجأ إلى غارسيا فرنانديث كونت قشتالة ، فغزاه المنصور وطالبه بابنه فرفض غارسيا ، فهزمه واجتاح المنصور ألبة  ، واستولى على وخشمة  ، فاضطر غارسيا لمفاوضة المنصور وقبول شرطه بتسليم ابنه عبد الله ، ثم دسّ المنصور على ابنه من قتله وذلك 14 جمادى الآخرة 380 هـ، ثم بعث المنصور برأس ابنه وكتاب الفتح إلى الخليفة ، فازدادت رهبة الناس من المنصور بقتله ابنه. 
وفي عام 381 هـ، قدّم المنصور ابنه عبد الملك للولاية ، ونزل له عن لقب الحجابة ، كما استوزر ابنه عبد الرحمن

وصفه ابن الأثير قائلاً: «وكان شجاعًا ، قوي النفس ، حسن التدبير ، وكان محبًا للعلماء ، يُكثر مجالستهم ويناظرهم ، وقد أكثر العلماء ذكر مناقبه ، وصنّفوا لها تصانيف كثيرة[68] وقال عنه ابن خلدونوكان ذا عقل ورأي وشجاعة ، وبصر بالحروب ، ودين متين»[69] وقال عنه ابن الخطيب: «وكان مهيبًا وقورًا ، فإذا خلا كان أحسن الناس مجلسًا ، وأبرّهم بمن يحضر منادمًا ومؤانسًا. وكان شديد القلق من التبسط عليه ، والدالة والامتنان ، لا يغفرها زلة ، ولا يحلم عنها جريرة ، ولم يكن يسامح في نقصان الهيبة ، وحفظ الطاعة أحدًا من ولدٍ ولا ذي خاصة ، دعاه ذلك إلى قتل ولده عبد الله بالسيف صبرًا بما هو معروف


المصدر  

wikipedia

إرسال تعليق

CodeNirvana
© Copyright قصة نجاح
Back To Top